فصل: فصل: كلمة التوحيد وأثرها في نفس المؤمن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.كلام نفيس لابن القيم في الآيات الكريمة:

قال عليه الرحمة:

.فصل: كلمة التوحيد وأثرها في نفس المؤمن:

ومنها قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} فشبه سبحانه وتعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون: الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة فكل عمل صالح مرضي لله ثمرة هذه الكلمة وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: «كلمة طيبة شهادة أن لا إله إلا الله كشجرة طيبة وهو المؤمن أصلها ثابت قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن وفرعها في السماء يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء» وقال الربيع بن أنس: كلمة طيبة هذا مثل الإيمان فالإيمان الشجرة الطيبة وأصلها الثابت الذي لا يزول الإخلاص فيه وفرعه في السماء خشية الله والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن فإنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علوا التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل حين وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة الصاعدة إلى السماء ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخلاصه فيها ومعرفته بحقيقتها وقيامه بحقوقها ومراعاتها حق رعايتها.
فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها التي هي حقيقتها واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسن صبغة منها فعرف حقيقة الإلهية التي يثبتها قلبه لله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه ونفى تلك الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي والإثبات وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه ذللا غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلا كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلا فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الله كل وقت فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الرب تعالى وهذه الكلمة الطيبة تثمر كلاما كثيرا طيبا يقارنه عمل صالح فيرفع العمل الصالح إلى الكلم الطيب كما قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}.
فأخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عملا صالحا كل وقت.
والمقصود أن كلمة التوحيد إذا شهد بها المؤمن عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا وإثباتا متصفا بموجبها قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل من هذا الشاهد أصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت.
ومن السلف من قال: إن الشجرة الطيبة هي النخلة ويدل عليه حديث ابن عمر الصحيح ومنهم من قال: «هي المؤمن نفسه» كما قال محمد بن سعد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} يعني بالشجرة الطيبة المؤمن ويعني بالأصل الثابت في الأرض والفرع في السماء يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض وقال عطية العوفي في قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} قال: ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إلى الله. وقال الربيع بن أنس: {أصلها ثابت وفرعها في السماء} قال: ذلك المؤمن ضرب مثله في الإخلاص لله وحده وعبادته وحده لا شريك له أصلها ثابت قال: أصل عمله ثابت في الأرض وفرعها في السماء قال: ذكره في السماء ولا اختلاف بين القولين والمقصود بالمثل المؤمن والنخلة مشبهة به وهو مشبه بها وإذا كانت النخلة شجرة طيبة فالمؤمن المشبه بها أولى أن يكون كذلك ومن قال من السلف: إنها شجرة في الجنة فالنخلة من أشرف أشجار الجنة.

.حكمة تشبيه المؤمن بالشجرة:

وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق به ويقتضيه علم الذي تكلم به وحكمته.
فمن ذلك أن الشجرة لابد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر فكذلك شجرة الإيمان والإسلام ليطابق المشبه المشبه به فعروقها العلم والمعرفة واليقين وساقها الإخلاص وفروعها الأعمال وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى والدل المرضي فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله والإخلاص قائم في القلب والأعمال موافقة للأمر والهدي والدل والسمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء وإذا كان الأمر بالعكس علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.
ومنها: أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها فإذا قطع عنها السقي أوشك أن تيبس فهكذا شجرة الإسلام في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر والتفكر على التذكر وإلا أوشك أن تيبس وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم» وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك ومن هنا تعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات وعظيم رحمته وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده بأن وظفها عليها وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم.
ومنها: أن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه العادة أنه لابد أن يخالطه دغل ونبت غريب ليس من جنسه فإن تعاهده ربه ونقاه وقلعه كمل الغرس والزرع واستوى وتم نباته وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى وإن تركه أوشك أن يغلب على الغرس والزرع ويكون الحكم له أو يضعف الأصل ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته ومن لم يكن له فقه نفس في هذا ومعرفة به فإنه يفوته ربح كثير وهو لا يشعر فالمؤمن دائما سعيه في شيئين سقي هذه الشجرة وتنقية ما حولها فبسقيها تبقى وتدوم وبتنقية ما حولها تكمل وتتم والله المستعان وعليه التكلان.
فهذا بعض ما تضمنه هذا المثل العظيم الجليل من الأسرار والحكم ولعلها قطرة من بحر بحسب أذهاننا الوقفة وقلوبنا المخطئة وعلومنا القاصرة وأعمالنا التي توجب التوبة والاستغفار وإلا فلو طهرت منا القلوب وصفت الأذهان وزكت النفوس وخلصت الأعمال وتجرت الهمم للتلقي عن الله ورسوله لشاهدنا من معاني كلام الله وأسراره وحكمه ما تضمحل عنده العلوم وتتلاشى عنده معارف الخلق وبهذا تعرف قدر علوم الصحابة ومعارفهم وأن التفاوت الذي بين علومهم وعلوم من بعدهم كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والله أعلم حيث يجعل مواقع فضله ومن يختص برحمته.

.فصل ضرب المثل للكافر:

ثم ذكر سبحانه مثل الكلمة الخبيثة فشبهها بالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار فلا عرق ثابت ولا فرع عال ولا ثمرة زاكية فلا ظل ولا جنى ولا ساق قائم ولا عرق في الأرض ثابت فلا أسفلها مغدق ولا أعلاها مونق ولا جنى لها ولا تعلو بل تعلى.
وإذا تأمل اللبيب أكثر كلام هذا الخلق في خطابهم وكسبهم وجده كذلك فالخسران الوقوف معه والاشتغال به عن أفضل الكلام وأنفعه.
قال الضحاك: ضرب الله مثلا للكافر بشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يقول ليس لها أصل ولا فرع وليس لها ثمرة ولا فيها منفعة كذلك الكافر لا يعمل خيرا ولا يقوله ولا يجعل الله فيه بركة ولا منفعة.
وقال ابن عباس: ومثل كلمة خبيثة وهي الشرك كشجرة خبيثة يعني الكافر اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يقول الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان ولا يقبل الله مع الشرك عملا فلا يقبل عمل المشرك ولا يصعد إلى الله فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء يقول: ليس له عمل صالح في السماء ولا في الأرض.
وقال الربيع بن أنس: مثل الشجرة الخبيثة مثل الكافر ليس لقوله ولا لعمله أصل ولا فرع ولا يستقر قوله ولا عمله على الأرض ولا يصعد إلى السماء.
وقال سعيد عن قتادة في هذه الآية: إن رجلا لقي رجلا من أهل العلم فقال له: ما تقول في الكلمة الخبيثة؟ قال: ما أعلم لها في الأرض مستقرا ولا في السماء مصعدا إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافي بها القيامة.
وقوله: {اجْتُثَّتْ} أي استؤصلت من فوق الأرض ثم أخبر سبحانه عن فضله وعدله في الفريقين أصحاب الكلم الطيب والكلم الخبيث فأخبر أنه يثبت الذين آمنوا بإيمانهم بالقول الثابت أحوج ما يكونون إليه في الدنيا والآخرة وأنه يضل الظالمين وهم المشركون عن القول الثابت فأضل هؤلاء بعدله لظلمهم وثبت المؤمنين بفضله لإيمانهم.
وتحت قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} كنز عظيم من وفق لمظنته وأحسن استخراجه واقتناءه وأنفق منه فقد غنم ومن حرمه فقد حرم وذلك أن العبد لا يستغني عن تثبيت الله له طرفة عين فإن لم يثبته وإلا زالت سماء إيمانه وأرضه عن مكانهما وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده ورسوله: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا}.
وقال تعالى لأكرم خلقه: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} وفي الصحيحين من حديث البجلي قال: «وهو يسألهم ويثبتهم» وقال تعالى لرسوله: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} فالخلق كلهم قسمان موفق بالتثبيت ومخذول بترك التثبيت ومادة التثبيت أصله ومنشأه من القول الثابت وفعل ما أمر به العبد فبهما يثبت الله عبده فكل من كان أثبت قولا وأحسن فعلا كان أعظم تثبيتا قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} فأثبت الناس قلبا أثبتهم قولا والقول الثابت هو القول الحق والصدق وهو ضد القول الباطل الكذب فالقول نوعان: ثابت له حقيقة وباطل لا حقيقة له وأثبت القول كلمة التوحيد ولوازمها فهي أعظم ما يثبت الله بها عبده في الدنيا والآخرة ولهذا ترى الصادق من أثبت الناس وأشجعهم قلبا والكاذب من أمهن الناس وأخبثهم وأكثرهم تلونا وأقلهم ثباتا وأهل الفراسة يعرفون صدق الصادق من ثبات قلبه وقت الإخبار وشجاعته ومهابته ويعرفون كذب الكاذب بضد ذلك ولا يخفى ذلك إلا على ضعيف البصيرة.
وسئل بعضهم عن كلام سمعه من متكلم به فقال: والله ما فهمت منه شيئا إلا أني رأيت لكلامه صولة ليست بصولة مبطل فما منح العبد أفضل من منحة القول الثابت ويجد أهل القول الثابت ثمرته أحوج ما يكونون إليه في قبورهم ويوم معادهم كما في صحيح مسلم من حديث البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية نزلت في عذاب القبر.

.سؤال القبر:

وقد جاء هذا مبينا في أحاديث صحاح فمنها ما في المسند من حديث داود ابن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال: يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فإذا الإنسان دفن وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك بيده مطراق فأقعده فقال: ما تقول في هذا الرجل فإن كان مؤمنا قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول له صدقت فيفتح له باب إلى النار فيقال له هذا منزلك لو كفرت بربك فأما إذا آمنت فإن الله أبدلك به هذا ثم يفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض له فيقال له اسكن ثم يفسح له في قبره وأما الكافر والمنافق فيقال له ما تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري فيقال له لا دريت ولا اهتديت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له هذا منزلك لو آمنت بربك فأما إذا كفرت فإن الله أبدلك به هذا ثم يفتح له باب إلى النار ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين قال بعض أصحابه يا رسول الله ما منا من أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلا هيل عند ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}».
وفي المسند نحوه من حديث البراء بن عازب وروى المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر قبض روح المؤمن فقال: يأتيه آت يعني في قبره فيقول: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم قال: فينتهره فيقول: ما ربك وما دينك وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فذلك حيث يقول الله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد فيقال له: صدقت» وهذا حديث صحيح وقال حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين قال: إذا قيل له في القبر: من ربك؟ وما دينك؟ فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد جاءنا بالبينات من عند الله فآمنت به وصدقت فيقال له: صدقت على هذا عشت وعليه مت وعليه تبعث» قال الأعمش عن المنهال بن عمرو وعن زاذان عن البراء بن عازب قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر قبض روح المؤمن قال: فترجع روحه في جسده ويبعث إليه ملكان شديدا الاتنهار فيجلسانه وينتهرانه ويقولان: من ربك؟ فيقول الله وما دينك؟ فيقول: الإسلام فيقولان له: ما هذا الرجل أو النبي الذي بعث فيكم؟ فيقول محمد رسول الله فيقولان له: وما يدريك؟ قال: فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فذلك قول الله تبارك وتعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}» رواه ابن حبان في صحيحه والإمام أحمد وفي صحيحه أيضا من حديث أبي هريرة يرفعه قال: «إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولولن عنه مدبرين فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه والزكاة عن يمينه وكان الصيام عن يساره وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة ما قبلي مدخل فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة ما قبلي مدخل فيؤتى عن يساره فيقول الصيام ما قبلي مدخل فيؤتى من عند رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس ما قبلي مدخل فيقال له اجلس فيجلس قد مثلت له الشمس قد دنت للغروب فيقال له أخبرنا عما نسألك عنه فيقول دعوني حتى أصلي فيقال إنك ستفعل فأخبرنا عما نسألك فيقول وعم تسألوني فيقال له أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه وماذا تشهد به عليه فيقول أمحمد صلى الله عليه وسلم فيقال نعم فيقول أشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالبينات من عند الله فصدقناه فيقال له على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفسح له قبره سبعون ذراعا وينور له فيه ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له انظر إلى ما أعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسرورا ثم تجعل نسمته في النسم الطيب وهي طير خضر تعلق بشجر الجنة ويعاد الجسد إلى ما بدأ منه من التراب وذلك قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}» ولا تستطل هذا الفصل المعترض في المفتي والشاهد والحاكم بل وكل مسلم أشد ضرورة إليه من الطعام والشراب والنفس وبالله التوفيق..